ان النبوة تكليف ثقيل، وعبء عظيم جداً، لايُحمل الاّ بعد نمو الملكات العقلية ونضوجها وتكامل الاستعدادات القلبية. اما زمن ذلك الكمال فهو الاربعون من العمر.
اما فترة الفتوة والشباب التي هي فترة تهيج النوازع النفسانية ووقت غليان الحرارة الغريزية وأوان فوران الحرص على الدنيا فهي لاتلائم وظائف النبوة التي هي مقدسة وأخروية وخالصة للّه وحده. اذ مهما كان الانسان جاداً وخالصاً قبل الاربعين من العمر، فلربما يرد الى اذهان المتطلعين الى الشهرة ظنٌ بأنه يعمل لجاه الدنيا ونيل مقام فيها، فلا ينجو من اتهاماتهم بسهولة. اما بعد الاربعين فان العمر ينحدر الى باب القبر وتتراءى له الآخرة أكثر من الدنيا، فينجو من ذلك الاتهام بسهولة ويوفّق في حركاته واعماله الاخروية وينجو الناس من سوء الظن وينقَذون
سعيد النورسي